موقف بقي عادي...

المشهد كالتالي...شاب قوي ..شكله صعيدي او من ارياف..لابس جلابية..والشمس ناحلة وبره..

ماما  نازلة من التاكسي شايلة حاجات كتير...قرب مني شاب و قالي : اشيل لك الحاجات دي لحد البيت و تديني حاجة؟

ماما: بس البيت اهوه يا حبيبي..معلش.. وابتسمت 

الراجل رد كأنه بيحاول يجاهد يثبت منطق..يثبت حقه..كأنه بيقول حاجة منطقية جدا و حصل عكسها فهو مش قادر يستوعب..بصلها اوي كدة و قام مزعق بنغمة مفيهاش هجوم علي ماما..بس استنكار لتاّمر كل الحاجات ضده.. "بس انا جعان...انا جعان و معييش فلوس و مكسوف اطلب من اي شاب فلوس عشان اكل بيها..مش عارف اطلب فلوس عشان اكل..انا نزلت من البلد عشان جالولي هنا هتلاقي شغل..بس مفيش..مفيش..وانا جعان..جعان اوي"

امي اديتله اللي فيه النصيب..وشالت حاجتها و دخلت..وقفت تاني علي باب العمارة تطمن عليه و انه معاه ما يكفي..بصت عليه من بعيد لاقيته واقف باصص لها و علي وشه نظرة امتنان كأنها انقذته من غرق عبارة مصرية مصرية اصيلة..و قام رافع ايدة و مشاورلها بما يعني شكرا..وطبطب علي صدره في امتنان و ابتسم و مشي بسرعة جدا...

و امي قررت تقضي بقية اليوم عياط شوية..حسبنة ع المسؤولين شويتين..واللهي تشوفوها في عيالكم تلات شويات..ودعا للشاب دة واللي زية عشر شويات...

المشكلة في اللي حصل..ان الشاب دة وجع كرامته كان اقوي من كفر جوعه..بكم الجوع اللي خلاه يصرخ في الاخر..مطلبش من حد..و يوم ما فتح بقه..طلب خدمة قصاد خدمة مش صدقة من حد..

اللي بيحصل في البلد مش بس بيكسر بطون وقلوب..بيكسر كرامة..بيكسر النفس...مغلطش اللي هتف "كرامة انسانية"!

زيح عنا يا رب...داوي قلوبنا يا رب...و اطعم كل محتاج...وساعد كل محتاج نفسه عزيزة في بلد ملهاش عزيز!