أنا أبويا راجل عظيم..يمكن مش كتير باين له دة، لكني بافخر به أوي..وباتعلم منه أكتر..ودايماً بارمي "مثاليتي الزايدة وتوقعاتي بالخير والجمال والحق الغير واقعية"، على رأي أمي، عليه.
بابا كان بطل جمهورية في 6 لعبات رياضية في وقت واحد، كان حارس مرمى للنادي الأهلي، وبطل الجمهورية مصارعة وملاكمة ووثب وتنس. اتخرج من أداب إنجليزي، بس مكتفاش..اشتغل في التدريس، مكتفاش، درس طب 3 سنين ومحسش أنها مناسباه، مخافش يغير، درس صيدلة وخلصها..فتح صيدليته بإيديه وبمجهوده، رغم أن عائلته ميسورة الحال..بنى صيدليته وبيوته (اللي كانت) وجاب عربيته من شقاه.."بالرغم أن جدوده بشوات"..
دخل جامعة أمريكية بردو، وحصل أكثر من شهادة في كذا مجال واكتسب خبرات غريبة..عمل معادلة وانضم للعمل في مجلس الوزراء..حتى قبل وصوله لدرجة وكيل وزارة الصحة، قرر يطلع نفسه معاش مبكر...عشان حضر اجتماع واحد وحيد لأحمد نظيف وشاف كم السرقة، فخاف "لقمة حرام تدخل جوف مراتي وبنتي"..ابويا اللي باختلف معاه سياسياً النهاردة..رمى شغله واكل عيشه وحياته كشاب محبوب ودنجوان وله صداقات عديدة..وراح طواعيةً اطوع في المقاومة الشعبية...وحارب وخسر، ورجع ووقف ورجع يضيف لحياته وحياة من حوله تاني وتالت وعاشر...
وبالرغم من انه كان بيشتغل من 8 الصبح ل 4 العصر في المجلس، ومن 4 العصر ل 2 صباحاً في صيدليته، قرر يوقف كل أعماله أما شك إن فيها شبهة..وأجر الصيدلية لواحد بملاليم "عشان شاب ولازم نساعده"...بس الشاب دة مصانش الأمانة..
أبويا خسر ابنه اللي مات في ايده وهو طفل، خسر شغله، خسر كتير فلوسه، خسر عمله وشغله الشاغل، بس عمره ما خسر نفسه ولا شغفه في الحياة...ولا شجاعته في إنصاف مظلوم..
أما كنت باروح اي اي مكان مع بابا..كنت باحس اني بنت أمير..من كتر الاحتفاء "ببنت الدكتور فاروق"..كافة أشكال الكرم والحب والود والمحبة اللي شوفتها بس بفضل اني بنته عايشة معايا إلى يومنا هذا...المشهد كان ناس غلابة واغنياء وباختلافاتهم كلهم..كتير...بيقوموا، حرفياً بيجرو ناحية بابا وناحيتي يستقبلونا "بالبسيط الذي لديهم، أو بالغالي"..وف عينهم فرحة ان بابا جه بجد!
أبويا الراجل القوي اللي اتخلص من أعتى الأمراض ووقف وكمل مشواره..بيبقى طفل صغير أما أسافر 3 أيام مع اصحابي رحلة..ويقول لماما كل يوم من ال 3 أيام دول "طلعي كرسي هبة ع السفرة،وحطي لها طبق ومعلقة وشوكة..كرسيها ميفضاش يا سهير" ويتخانق معاها تعمل دة، وهي تعمله رغم ان شيء خالي من المنطق...وكنت أرجع ألاقيه واقف طابخ لي بإيده.....واما كنت اغطيه كل يوم على عادتي زي ما باعمل يومياً معاه ومع ماما..كان يعافر يمد ايده رغم تعبه، ويتشعلق في رقبتي ويحضني حضن زيادة..واما كان يجيب لنا اي حاجة وانا صغيرة، أي أكل، ومع ان انه بيجيبه بكميات مهولة ل3 أشخاص فقط، بس كان لو مسك شكولاتاية...يقطم نصها ويخلي لي نصها..مع ان في شنط شوكولاتة كاملة جوا..."بس اتعودي تقسمي حلوك يا هبة"..
أبويا الراجل القوي، الشرقي جداً، راجل بجد، إنسان بجد، عارف ان عنده زوجة وبنت جابها بعد شوقة..."بنت عمره على حد قوله"...مش جاب خدامتين..أبويا هو اللي علم امي تطبخ..ولحد مقبل ما صحته تقع، كان مشهد طبيعي اني ادخل من مجرستي كل يوم الاقي بابا اللي عاملنا الأكل..اللي اتخلى عن شغله بإرادته فيما أن مراته هي اللي بتنزل كل يوم الشغل عادي من غير كلاكيع..أبويا اللي عوذد عيني انه مشهد طبيعي ان انا وهو وماما نكون واقفين في نفس الوقت هو بينضف وماما بتطبخ وانا باتخانق عشان مش عاوزة اعمل اي حاجة..أبويا رباني اني امي ام، انسانة، وانا ليا نفس الحقوق الطبيعية، مش فضل وتكرم ومنه معطاه منه لنا..
أنا كل شيء أنا عليه الآن بفضل ناس وحاجات كتير، أولهم، مع اني ملاحظتش دة إلا متأخر، أبويا..أنا مش هبة محفوظ..أنا هبة فارو محفوظ..بنت فاروق محمد يوسف محفوظ، وآخر سلالته!
أبويا دلوقتي بين إيديا طفل صغير لا حول له ولا قوة، لا قدرة على الكلام او التعبير عن آلمه..أو حتى البكاء..محاط ومسجون في عشرات الأسلاك الطبية..مسلوب القدرة على قول كلمة او شكوى..بابا .."أطول واكبر راجل في العالم..باترمي واستخبى في حضنه"..انا مش مش قادرة بس اساعده، انا حتى مش عارفة شكوته من اية...لك الحمد والمنه يا رب..اللهم اشفي لي ابويا يا رب..
#فضفضة #مخنوقة_ياربي
بابا مات خلاص..
أبويا الآن يوسئل، فلتدعوا له بالجنة ونعيمها..فليصلي عليه من يستطيع..وليدعو له كل اللي ساعدهم من قريب وبعيد.. فليدعوا له كل انسان...اللهم اني اشهدك واشهد حملة عرشك وجميع خلفك انه ادى امانته..اللهم اني اشهدك ان فاروق محمد يوسف محفوظ ادى امانته وصانك فينا على اكمل وجه...اللهم كما شقى علينا عوضه برحمتك وجناتك يا رحيم..اسألكم الدعاء وﻻ شيء سواه.. سلام يا روح وقلب وعين هبة..سلام يا بابا.. ادعوا له..هو الآن يوسئل.اللهم لك الحمد كما رزقتني بأبي..لك الشكر ع اللي عاشه معايا..اللهم ان كان ضيفي لاكرمته..فهو الآن ضيفك فاكرمه وانزله منزلا حسنا..انت اكرم الاكرمين
No comments:
Post a Comment