عزيزتى ليلى
لم أكن أريد أن أستعمل كلمة ” عزيزتى ” بل أردت أن أستعمل كلمة أخرى، كلمة أقرب الى الحقيقة والى شعورى نحوك ولكنى خفت أن أخيفك وأنا أعرف أن من السهل اخافتك. من السهل بشكل مؤلم، مؤلم لى على الأقل.
وهذا أيضا هو سبب ترددى فى الكتابة اليك ولكن حنينى الجارف الى الوطن لم يترك لى الاختيار فقد أصبحت أنت رمزا لكل ما أحبه فى وطنى وعندما أفكر فى مصر أفكر فيك وعندما أحن الى مصر أحن اليك وبصراحة أنا لا أنقطع عن الحنين الى مصر.
أكاد أراك تبتسمين، فأنت لاتصدقينى. أليس كذلك ؟.. أنت لا تثقين بى. أنت تقيمين بينى وبينك الحواجز، أنت لا تريدين أن تنطلقى وأن تتركى نفسك على سجيتها، لأنك تخشين أن تتعلقى بى، أن تفنى كيانك فى كيانى، أن تستمدى ثقتك فى نفسك وفى الحياة منى، ثم تكتشفى كيانك مدلوقا-كالقهوة- فى غرفتى.
وأنا أحبك وأريد منك أن تحبينى، ولكنى لا أريد منك أن تفنى كيانك فى كيانى ولا فى كيان أى أنسان. ولا أريد لك أن تستمدى ثقتك فى نفسك وفى الحياة منى أو من أى أنسان. أريد لك كيانك الخاص المستقل، والثقة التى تنبعث من النفس لا من الاخرين.
واذ ذاك – عندما يتحقق لك هذا- لن يستطيع أحد أن يحطمك لا أنا ولا أى مخلوق. اذ ذاك فقط، تستطيعين أن تلطمى من يلطمك وتستأنفى المسير. واذ ذاك فقط تستطيعين أن تربطى كيانك بكيان الآخرين، فيزدهر كيانك وينمو ويتجدد، واذ ذاك فقط تحققين السعادة فأنت تعيسة يا حبيبتى، وقد حاولت، ولم تستطيعى، أن تخفى عنى تعاستك…
لقد أنحبست فى الدائرة التى ينحبس فيها أغلب أفراد طبقتنا، دائرة الأنا، دائرة التوجس والركود، دائرة الأصول، نفس الأصول التى جعلت عصام يخونك، وجعلت محمود يشعر بالعزلة فى معركة القناة. وجعلت طبقتنا، كطبقة، تقف طويلا موقف المتفرج من الحركة الوطنية، نفس الأصول التى تكرهينها وأكرها، ويكرها كل من يتطلع الى مستقبل أفضل لشعبنا ووطننا.
وفى دائرة الأنا، عشت تعيسة، لانك فى أعماقك تؤمنين بالتحرر، بالانطلاق، بالفناء فى المجموع، بالحب، بالحياة الخصبة المتجددة.
عشت تعيسة لأن تيار الحياة فيك لم يمت بل بقى حيا يصارع من أجل الانطلاق.
فلا تنحبسى فى الدائرة الضيقة، انها ستضيق عليك حتى تخنقك أو تحولك الى مخلوقة بليدة معدومة الحس والتفكير…
انطلقى يا حبيبتى، صلى كيانك بالآخرين، بالملايين من الآخرين، بالارض الطيبة أرضنا، بالشعب الطيب شعبنا.
وستجدين حبا، أكبر منى ومنك، حبا كبيرا، حبا جميلا… حبا لايستطيع أحد أن يسلبك اياه، حبا تجدين دائما صداه يتردد فى الاذن، وينعكس فى القلب، ويكبر به الانسان ويشتد: حب الوطن وحب الشعب…
فانطلقى يا حبيبتى، افتحى الباب عريضا على مصراعيه، واتركيه مفتوحا..,
وفى الطريق المفتوح ستجديننى يا حبيبتى، أنتظرك، لأنى أثق بك، وأثق فى قدرتك على الأنطلاق، ولأنى لا أملك سوى الانتظار… انتظارك.
حسين.
No comments:
Post a Comment